الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال البغوي: .قال ابن عطية: .قال أبو حيان: وأيضًا ففيه تنبيه على أنه يجب أن تكون القوّة والبأس الذي للمحارب مقصورًا على الجهاد في سبيل الله تعالى، وأن لا يضع تلك النجدة التي وهبها الله له للمحاربة في معصية الله تعالى، وهل الوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، أو الحاجة، أو الطاعة، أو الجنة، أو أفضل درجاتها، أقوال للمفسرين. وذكر رجاء الفلاح على تقدير حصول ما أمر به قبل من التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله. والفلاح اسم جامع للخلاص عن المكروه، والفوز بالمرجوّ. اهـ. .قال ابن كثير: .قال الألوسي: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} بنيل نعيم الأبد والخلاص من كل نكد. اهـ. .قال الشوكاني: قال الزمخشري في الكشاف بعد ذكره لهذا: إنه مما لفقته المجبرة، ويا لله العجب من رجل لا يفرق بين أصحّ الصحيح، وبين أكذب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتعرض للكلام على ما لا يعرفه ولا يدري ما هو؟ قد تواترت الأحاديث تواترًا لا يخفى، على من له أدنى إلمام بعلم الرواية بأن عصاة الموحدين يخرجون من النار، فمن أنكر هذا فليس بأهل للمناظرة؛ لأنه أنكر ما هو من ضروريات الشريعة، اللهم غفرًا. اهـ. .قال أبو حيان: وهو على عادته وسفاهته في سب أهل السنة، ومذهبه: أن من دخل النار لا يخرج منها. اهـ. .قال الشنقيطي: اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة. وأصل الوسيلة: الطريق التي تقرب إلى الشيء، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء، لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جدًا كقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا} [الحشر: 7]، وكقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني} [آل عمران: 31]، وقوله: {قُلْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول} [النور: 54]، إلى غير ذلك من الآيات. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة، ولما سأله نافع الأزرق هل تعرف العرب ذلك؟ أنشد له بيت عنترة: قال: يعني لهم إليك حاجة، وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس، فالمعنى: {وابتغوا إليه الوسيلة}، واطلبوا حاجتكم من الله، لأنه وحده هو الذي يقدر على إعطائها، ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى: {إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فابتغوا عِندَ الله الرزق واعبدوه} [العنكبوت: 17] الآية، وقوله: {واسألوا الله مِن فَضْلِه} [النساء: 32] الآية، وفي الحديث «إذا سألت فسأل الله». قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وتفسير ابن عباس داخل في هذا، لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته. وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهَّال المدعين للتصوُّف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه، أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين وتلاعب بكتاب الله تعالى، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار، كما صرح به تعالى في قوله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى الله زلفى} [الزمر: 3] وقوله: {وَيَقُولُونَ هؤلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ الله قُلْ أَتُنَبِّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]، فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل، {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، الآية. والظاهر أن الوسيلة في بيت عنترة معناها التقرب أيضًا إلى المحبوب، لأنه وسيلة لنيل المقصود منه، ولذا أنشد بيت عنترة المذكور ابن جرير، والقرطبي وغيرهما لهذا المعنى الذي ذكرنا وجمع الوسيلة: الوسائل، ومنه قول الشاعر: وهذا الذي فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضًا في قوله تعالى: {أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَب} [الإسراء: 57] الآية، وليس بالمراد بالوسيلة أيضًا المنزلة التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها، نرجو الله أن يعطيه إياها، لأنها لا تنبغي إلا لعبد، وهو يرجو أن يكون هو. اهـ. .قال السعدي: هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في اجتناب ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة. ويستعين بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه القلبية، كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن أنواع الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد الله، فكل هذه الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله حتى يحبه الله، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي [بها] ويستجيب الله له الدعاء. ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات. ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته. والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته السعادة الأبدية والنعيم المقيم. اهـ. .قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة: التفسير: في النظم وجوه منها: أنه راجع إلى قوله: {إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم} [المائدة: 11] فكأنه تعالى ذكر لأجل تسلية نبيّه صلى الله عليه وسلم قصصًا كثيرة كقصة النقباء وما انجرّ إليه الكلام من إصرار أهل الكتاب وتعنتهم بعد ظهور الدلائل القاطعة، ثم ختمها بقصة ابني آدم وأنّ أحدهما قتل الآخر حسدًا وبغيًا ليعلم أنّ الفضل كان محسودًا بكل أوان. ومنها أنه عائد إلى قوله: {يبين لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب} [المائدة: 15] فإنّ هذه القصة وكيفية إيجاب القصاص بسببها كانت من أسرار التوراة. ومنها أنه من تمام قوله: {نحن أبناء الله وأحباؤه} [المائدة: 18] أي لا ينفعهم كونهم من أولاد الأنبياء مع كفرهم كما لم ينفع قابيل. والمراد اتل على الناس أو على أهل الكتاب خبر ابني آدم من صلبه- هابيل وقابيل- تلاوة ملتبسة بالحق والصحة من عند الله تعالى، أو ملتبسة بالصدق- لما في التوارة والإنجيل أو بالغرض الصحيح وهو تقبيح الحسد والتحذير من سوء عاقبة الحاسد. أو اتل عليهم وانت محق صادق لا مبطل هازل كالأقاصيص التي لا غناء فيها {إذ قربا} قال في الكشاف: نصب بالنبا أي قصتهم في ذكل الوقت أبو بدل من النبا أي نبأ ذلك الوقت على حذف المضاف والمقصود إذ قرب كل واحد منهما قربانًا إلاّ أنه جمعهما في الفعل اتكالًا على قرينة الحكاية، أو لأنّ القربان في الأصل مصدر، ثم سمي به ما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو صدقة.
|